لقد قامت سنّة هذا الكون على أسس و قوانين سنّها الخالق تعالى بحكمته البالغة،
[IMG][/IMG]
فكان قانون الأسباب و المسببات كمثابة الحجّة التي أقامها سبحانه و تعالى على عباده أن لا يتبعوا أيّة خرافة تتسلل إلى عقولهم فتعطلها عن التفكير السوّي الصحيح و تبعدها عن معرفة وحدانية الله حق معرفة، كون أنّ الخرافة لا تتبع قانون الأسباب و المسببات فهي باطلة بحكم سنن الكون تلك. فلهذا كان موقف الإسلام من بعض الطقوس و المعتقدات موقفا حاسما، كما هو الشأن في ظاهرة السحر، فحرّم تعلمه و تعليمه و ممارسته. فالسحر كما أخبر الله عنه طريق للفساد وسبب للضرر بين العباد وإذائهم و التفرقة بينهم، وهو فوق ذلك كله سبب للكفر بالله سبحانه والخروج عن دينه وشرعه. و من السحر من هو حقيقي و منه من هو تخيلي و كلاهما أقرّه القرآن و الأحاديث الصحيحة كما جاء ذلك في كتب أهل السنة و الجماعة، و تتعدّد أنواع السحر بتعدّد الطرق المستعملة و الإستعانات التي يستعين بها الساحر في تحقيق غرضه و نيل غايته، فمن السحرة من يزعم الاستعانة بالكواكب و النجوم و الأبراج، ومنهم من يستعين بالجن والشياطين، و منهم من يستعين ببقايا الموتى و قبورهم، ومنهم من يستعين بالنفخ في العقد، ومنهم من يستعين بخفّة حركاته و سرعتها و مهاراتها، و منه من يدّعي الرقية بالقرآن فتراه تارة يقرء القرآن جهرا أمام زبائنه و تارة أخرى يتمتم بكلام مبهم غير مفهوم و لا مسموع. و من السحر من يكفّر فاعله و يخرجه من ملّة الإسلام، و منه من يدخله في دائرة الفسوق، و منه من يدخله في زمرة العابثين المضيعين للأوقات و اللاهين الغافلين عن العبادة و الذكر. و من أكثر أنواع السحر إنتشارا هو سحر التخييل كما وصفه تعالى في قوله: ﴿ قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى ﴾ طه - (الآية:66)، و سنخصّ في مقالتنا هذه هذا النوع من السحر دون غيره ( أي سحر التخييل) فهو جوهر حديثنا و محور بحثنا. فما هو تعريفه؟ و ما هي أسبابه؟ و كيف جاء ذكره في القرآن الكريم؟ و كيف ذكرته النظريات العلمية الحديثة؟ و هل سبق القرآن النظريات العلمية في ذكره و تفسيره لهذه الظاهرة و كشف أسرارها؟
تعريف سحر التخييل ( الخداع البصري):
السحر عموما فى لغة العرب يطلق على كل شيء خفي سببه، ولطف ودق ولذلك كانت تقول العرب في بيانها " أخفى من السحر " (1)، و قال الأزهري: "أصل السحر صرف الشيء عن حقيقته إلى غيره، فكأن الساحر لمّا رأى الباطل في صورة الحق وخيل الشيء على غير حقيقته قد سحر الشيء عن وجهه أي صرفه " (2). أما "سحر التخييل" خاصة هو ذلك العمل الذي يطلق عليه في عصرنا هذا بإسم "الخداع البصري" أو "الوهم البصري" أو " الوهم التخيلي" و كلها مصطلحات بمعنى واحد، وعرّفه أبو بكر الرازي بأنه: " كل أمر خفي سببه، وتُخِيِلَ على غير حقيقته، ويجري مجرى التمويه والخُدَع"(3). و إصطلاحا هو ذلك الفعل الذي يصوّر للناظر دائما الصورة المرئية على غير حقيقتها حيث تكون الرؤية خادعة أو مضللة، ومبنى هذا على أن القوة الباصرة قد ترى الشيء على خلاف ما هو عليه في الحقيقة لبعض الأسباب العارضة. و التفسير العلمي لذلك أنّ المعلومات التي تجمعها العين المجردة وبعد معالجتها بواسطة الدماغ تعطي نتيجة لا تطابق المصدر أو العنصر المرئي. والخدع التقليدية مبنية على إفتراض أنّ هناك أوهام فزيولوجية تحدث طبيعيا ومعرفيا بالإضافة إلى الأوهام التي يمكن البرهنه عليها من خلال الحيّل البصرية الخاصة، فالخدع البصرية إذا هي صور و مشاهد مصنوعة مسبقا بطريقة مدروسة لتظهر للناظر بطريقة معيّنة و هي ليست كذلك كونها ضرب من التمويه و الحيلة.
و حسب الموسوعة العلمية البسيكوليوجية(4) فإن المفهوم الأساسي والتعريف المبدئي للخداع البصري هو ذلك الفعل الذي يجعل الأشياء أو الأشكال أو الألوان ترى أو تدرك بطريقة كاذبة و مغايرة لماهيتها الأصلية و بخلاف حالتها الطبيعية. و بصيغة أخرى فإن الخداع البصري هو أنّه يخيّل لك أنك تظن نفسك ترى أشياءا على حالة معيّنة بينما الحقيقية مخالفة تماما لما رأيت. و هذا يعود إلى "الخطئ التحليلي" لماهية و حقيقة الصور و المشاهد التي نراها(5)، أي أنّه لا يوجد توافق بين ما تمّ تحليله في الإدراك و حقيقة الشيئ. و خلاصة التعريف فإن مصطلح الخدعة البصرية يطلق على كل فعل يخدع النطام البصري للإنسان بدئا من العين حتى الدماغ و يجعل الاشياء المرئية مخالفة لحقيقتها(6).
أنواع الخدع البصرية:
هناك أنواع عديدة من الخدع البصرية، و تتعدد بتعدد التقنية التي نستعملها للتحقيق الخدعة، و أساسا هنالك أربع أنواع و هي:
) خدع متعلقة بالـألوان: إنّ العين البشرية ترى الألوان بشكل متغير على حسب المحيط، حيث أنه عند الرؤية إلى موضع معين نرى لون أو عدة ألوان و لكن ليست هذه هي الحقيقة، وسنسوق ثلاثة أمثلة عن الخدع المتعلقة بلألوان.
المثال الأول: ( خدعة باكمان)
[IMG][/IMG]
فكان قانون الأسباب و المسببات كمثابة الحجّة التي أقامها سبحانه و تعالى على عباده أن لا يتبعوا أيّة خرافة تتسلل إلى عقولهم فتعطلها عن التفكير السوّي الصحيح و تبعدها عن معرفة وحدانية الله حق معرفة، كون أنّ الخرافة لا تتبع قانون الأسباب و المسببات فهي باطلة بحكم سنن الكون تلك. فلهذا كان موقف الإسلام من بعض الطقوس و المعتقدات موقفا حاسما، كما هو الشأن في ظاهرة السحر، فحرّم تعلمه و تعليمه و ممارسته. فالسحر كما أخبر الله عنه طريق للفساد وسبب للضرر بين العباد وإذائهم و التفرقة بينهم، وهو فوق ذلك كله سبب للكفر بالله سبحانه والخروج عن دينه وشرعه. و من السحر من هو حقيقي و منه من هو تخيلي و كلاهما أقرّه القرآن و الأحاديث الصحيحة كما جاء ذلك في كتب أهل السنة و الجماعة، و تتعدّد أنواع السحر بتعدّد الطرق المستعملة و الإستعانات التي يستعين بها الساحر في تحقيق غرضه و نيل غايته، فمن السحرة من يزعم الاستعانة بالكواكب و النجوم و الأبراج، ومنهم من يستعين بالجن والشياطين، و منهم من يستعين ببقايا الموتى و قبورهم، ومنهم من يستعين بالنفخ في العقد، ومنهم من يستعين بخفّة حركاته و سرعتها و مهاراتها، و منه من يدّعي الرقية بالقرآن فتراه تارة يقرء القرآن جهرا أمام زبائنه و تارة أخرى يتمتم بكلام مبهم غير مفهوم و لا مسموع. و من السحر من يكفّر فاعله و يخرجه من ملّة الإسلام، و منه من يدخله في دائرة الفسوق، و منه من يدخله في زمرة العابثين المضيعين للأوقات و اللاهين الغافلين عن العبادة و الذكر. و من أكثر أنواع السحر إنتشارا هو سحر التخييل كما وصفه تعالى في قوله: ﴿ قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى ﴾ طه - (الآية:66)، و سنخصّ في مقالتنا هذه هذا النوع من السحر دون غيره ( أي سحر التخييل) فهو جوهر حديثنا و محور بحثنا. فما هو تعريفه؟ و ما هي أسبابه؟ و كيف جاء ذكره في القرآن الكريم؟ و كيف ذكرته النظريات العلمية الحديثة؟ و هل سبق القرآن النظريات العلمية في ذكره و تفسيره لهذه الظاهرة و كشف أسرارها؟
تعريف سحر التخييل ( الخداع البصري):
السحر عموما فى لغة العرب يطلق على كل شيء خفي سببه، ولطف ودق ولذلك كانت تقول العرب في بيانها " أخفى من السحر " (1)، و قال الأزهري: "أصل السحر صرف الشيء عن حقيقته إلى غيره، فكأن الساحر لمّا رأى الباطل في صورة الحق وخيل الشيء على غير حقيقته قد سحر الشيء عن وجهه أي صرفه " (2). أما "سحر التخييل" خاصة هو ذلك العمل الذي يطلق عليه في عصرنا هذا بإسم "الخداع البصري" أو "الوهم البصري" أو " الوهم التخيلي" و كلها مصطلحات بمعنى واحد، وعرّفه أبو بكر الرازي بأنه: " كل أمر خفي سببه، وتُخِيِلَ على غير حقيقته، ويجري مجرى التمويه والخُدَع"(3). و إصطلاحا هو ذلك الفعل الذي يصوّر للناظر دائما الصورة المرئية على غير حقيقتها حيث تكون الرؤية خادعة أو مضللة، ومبنى هذا على أن القوة الباصرة قد ترى الشيء على خلاف ما هو عليه في الحقيقة لبعض الأسباب العارضة. و التفسير العلمي لذلك أنّ المعلومات التي تجمعها العين المجردة وبعد معالجتها بواسطة الدماغ تعطي نتيجة لا تطابق المصدر أو العنصر المرئي. والخدع التقليدية مبنية على إفتراض أنّ هناك أوهام فزيولوجية تحدث طبيعيا ومعرفيا بالإضافة إلى الأوهام التي يمكن البرهنه عليها من خلال الحيّل البصرية الخاصة، فالخدع البصرية إذا هي صور و مشاهد مصنوعة مسبقا بطريقة مدروسة لتظهر للناظر بطريقة معيّنة و هي ليست كذلك كونها ضرب من التمويه و الحيلة.
و حسب الموسوعة العلمية البسيكوليوجية(4) فإن المفهوم الأساسي والتعريف المبدئي للخداع البصري هو ذلك الفعل الذي يجعل الأشياء أو الأشكال أو الألوان ترى أو تدرك بطريقة كاذبة و مغايرة لماهيتها الأصلية و بخلاف حالتها الطبيعية. و بصيغة أخرى فإن الخداع البصري هو أنّه يخيّل لك أنك تظن نفسك ترى أشياءا على حالة معيّنة بينما الحقيقية مخالفة تماما لما رأيت. و هذا يعود إلى "الخطئ التحليلي" لماهية و حقيقة الصور و المشاهد التي نراها(5)، أي أنّه لا يوجد توافق بين ما تمّ تحليله في الإدراك و حقيقة الشيئ. و خلاصة التعريف فإن مصطلح الخدعة البصرية يطلق على كل فعل يخدع النطام البصري للإنسان بدئا من العين حتى الدماغ و يجعل الاشياء المرئية مخالفة لحقيقتها(6).
أنواع الخدع البصرية:
هناك أنواع عديدة من الخدع البصرية، و تتعدد بتعدد التقنية التي نستعملها للتحقيق الخدعة، و أساسا هنالك أربع أنواع و هي:
) خدع متعلقة بالـألوان: إنّ العين البشرية ترى الألوان بشكل متغير على حسب المحيط، حيث أنه عند الرؤية إلى موضع معين نرى لون أو عدة ألوان و لكن ليست هذه هي الحقيقة، وسنسوق ثلاثة أمثلة عن الخدع المتعلقة بلألوان.
المثال الأول: ( خدعة باكمان)